الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب

الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب

  • الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب

اخرى قبل 3 سنة

الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب

* عبدا لحميد الهمشري

هناك مثل عربي يقول " الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب " ، وهذا ما جرى منذ تقسيمات سايكس بيكو حيث تم ترسيخ مبدأ التجزئة ، تحت ذريعة الحقوق المكتسبة لكل نظام عربي على بقعة الأرض التي خصصت لتكون من ضمن أملاكه ، وأصبح الصراع القائم بين كل نظام يمثل حق وجود مكتسب لا بد من الدفاع عنه وترسيخه بكل السبل وحتى لو كان ذلك على حساب الوجود العربي ككل ، وإن أفضى لاحتلال هذا القطر العربي أو ذاك وتدميره ونهب ثرواته ، فما جرى من صراعات بين الجميع بعد الحرب العالمية الثانية أفضى لضعف النظام العربي بل والوجود العربي ككل ، لأنه لم يؤخذ فيه المصلحة العربية العليا رغم الشعارات الطنانة الرنانة التي نسمعها وتتردد هنا وهناك والأناشيد التي تمجد الوجود العربي، فبات السعي لإضعاف القوي وإجهاض كل قوة ناشئة ، مسعى لكل طرف من الأطراف التي بات الصراع فيما بينها على أشده تماماً كما كان الصراع بين المماليك الذين كانوا يدعمون هذا على حساب ذاك إلى أن تمكن سليم الأول العثماني من قض شأفتهم وإنهاء دورهم الفوضوي الذي بتنا أسارى له بعد صراع أسهمت فيه الحركة الماسونية بشل الجهد العربي بالهيمنة على حتى من تدعي بتبنيها للاسلام نهجاً وعقيدة .

فمن التآمر على الوحدة السورية المصرية إلى القبول باحتلال اليهود لأراضي فلسطين وثلاث دول عربية وعدم الحسم بأمرها واحتلال العراق وتدميره ونهب ثرواته لصالح أمريكا والعدو الصهيوني وإيران والتفكيكيين من مكونات الشعب العراقي وتدمير سوريا وتشريد شعبها وفوضى خلاقة في ليبيا بالأسلوب الأمريكي ووتدمير البنية التحتية لليمن وإفقار شعبها ، كل هذا قاد لحالة الهذيان العربي ، فسلوك الولايات المتحدة الأمريكية العدواني منذ نشأتها اعتمد فرض الإرادة على الغير بالقوة والإرهاب والسطوة والجبروت والسلب والنهب وتمكين من ترعاهم بفرض الهيمنة على من تحقد عليهم دون اعتبار للسلوك الأخلاقي أو القيمي في التعامل مع البشر وفق ما تدعي ، فتدعم جهات على حساب أخرى طالما تسير وفق أجنداتها وتنفذ أرادتها التي تخدم مصالحها ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأقطار العربية فتحكمه حينها لديها موازين مدى تقبل كل كيان عربي ممثلاً بنظامه الرسمي واستعداده للتعايش مع عدو أهل المنطقة بأكملها العدو الصهيوني، تمد له الحبل على الغارب ليختار شكل التعامل مع الرسمية العربية في كل قطر ، رغم أن الرسمية يعود لها الفضل في تسيد تلك الدولة المارقة والناكرة للجميل على العالم أجمع ورغم أنها بفضل صنيعهم حسمت معركتها مع من تشاركها في تسيد العالم في الحرب الباردة الاتحاد السوفييتي الذي أفل نجمه وإلى غير رجعة بفضلهم فتفكك واندثر في معركة لم يكن يتوقع نتائجها أحد ولا السرعة التي حصلت فيها ، وما أعجب له أن الرسمية العربية لطالما تملك كل هذه القدرات والإمكانيات فلماذا لم تحاول استغلالها لخدمة مصالح العرب لتصبح لهم الكلمة الطولى في ميزان العلاقة الدولية والإذعان للإرادة العربية ؟ لا مد الحبل على غاربه لواشنطن للكيد للعرب والغفلة عن المد الصهيوني الذي يتجذر في الأرض العربية خاصة بعد حملات التطبيع التي رعاها رجل أهوج لا يفقه في أمر السياسة بل في عقد صفقات تتناسب ونشاطه التجاري الذي أفضى لثرائه .

فالعرب آثروا الخضوع لسالبي نعمتهم ومثيري الفتن في أرضهم ومقوضي تنظيماتهم السياسية اتقاء لشرورهم وعلى حساب أهل المنطقة ، حيث لم تكتف بذلك بل تبنت دعم إقليميين آخرين لإضعافهم وتهميشهم وطمس أدوارهم من على مسرح الحضارة العالمية رغم اعتمادها عليهم للهيمنة عليهم اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً والكيد للأرض العربية ومن عليها من خلال فزاعاتها تركيا وإيران وأثيوبيا ، لتبيت أركان الوجود الصهيوني على الأرض العربية حتى لا تستقيم للعرب قناة تمكنهم نفض غبار الذل والعبودية والهوان عن حالهم الذي لا يسر الصديق ولا العدو وتقليم أظافر العدو الصهيوني الذي يملك علاقات دبلوماسية وعسكرية قوية مع مختلف الدول الإقليمية في المنطقة بفضلها.

فهاجس الرعب الذي يعيش في ظلاله العرب شغلهم وزاغ أبصارهم عن عدو لطالما كاد لهم وأذاقهم مر الهوان وتربطه تحالفات مع أعدائهم ممن يتدثرون بعباءة الأمريكي ويدورون في فلكه ويظهرون غير ما يبطنون يظن العطشان بما يظهرونه من عداء لأمريكا ماء ، حيث أنه يسعى من خلالهم جاهداً إيجاد أرضية توافق بينه وبينهم ..

فانسياق الرسمية العربية خلفها رغم علمها بالمكر الأمريكي وما تبيته للأرض العربية والشعب العربي من مصائب وويلات جراء الانصياع لإرادة أعداء الأمة ، العدو الصهيوني المتمثل بقاعدته الاستيطانية في فلسطين واللعب في الورقة السورية واللبنانية واليمنية والسودانية ، وربما يمتد الأمر لمناطق أخرى من بلاد العرب لتتشارك هي والعدو الصهيوني في اقتسام ثرواتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وتمكن العدو الصهيوني من الأجواء العربية وتمنحه الضوء الأخضر ليسرح ويمرح في تلك الأجواء وما وراءها بفضل سادن بيتها الأبيض أياً كان الذين لطالموا اعتمدوا السبيل لنهب الثروات العربية من خلال تصريحاتهم التي يروجونها باستمرار : لولا أمريكا لكانت كل دولها هباء منثوراً لذا عليها أن تقدم لأمريكا الطاعة والولاء وما يترتب عليها مالياً لتبقى في قاموس الوجود .

لقد تمكنت الولايات المتحدة من تأجيج الصراع بين العرب وأعدائهم المفتعلين من فرس وترك ليصب ذلك في خدمة المشروع الصهيوني ، حيث أنستهم عداءهم مع العدو الصهيوني وباتوا يعتبرونه صديقهم الحميم رغم ما تجمعه من علاقات وطيدة علنية مع تركيا وخفية مع إيران .

 

abuzaher_2006@yahoo.com

التعليقات على خبر: الطبع غلب التطبع ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب

حمل التطبيق الأن